قد تأتى إجازة الصيف
بالنسبة لكثير من الفتيات المصريات الصغيرات
بمشاعر الخوف بدلا من الأحلام السعيدة
بحلول أيام طوال من اللعب مع الأصدقاء والأقارب
ففى مصر يعد الصيف هو الوقت المعتاد للقيام بالممارسة المعروفة بختان الإناث
حيث تزور الدايات فتيات صغيرات
أو يتم اصطحابهن إلى عيادة لإجراء الختان
وكثيرا ما يؤدى ذلك إلى نتائج مأساوية والسبب يكون في الكيفية
ففى صعيد مصر ، بل وعبر أنحاء البلاد
تظهر الدراسات أن الغالبية العظمى من الفتيات والنساء قد خضعن للختان
حيث يُنظر إلى هذه الممارسة – والتى تعود أصولها إلى ما يزيد على ألفى عام – بشكل واسع على أنها خطوة ضرورية نحو الوصول إلى الأنوثة والنضوج
وكأحد المتطلبات لأن تقبل الفتاة للزواج حيث يحافظ ذلك على عفتهن
وهذا من وجهة نظري صحيح مائة في المائة
إذ أن الفتيات والنساء اللاتى لا يخضعن للختان يعانين من الشهوة المفرطة
غير أن الأحداث الأخيرة بدأت تُحدث نقلة تدريجية فى كيفية نظر الناس فى ريف مصر إلى هذه الممارسة المثيرة للجدل
في الأسبوع الماضى، شارك عدة مئات من الأشخاص فى هذه المدينة الواقعة بصعيد مصر فى مسيرة تدعم التخلص من عادة الختان. وقد تم تنظيمها بعد أيام من وفاة الطفلة بدور فى عيادة خاصة بالقرب من المنيا، وقد نظم هذه المسيرة المجلس القومى للطفولة والأمومة. وقد زينت الشوارع خلال المسيرة بلافتات كبيرة تحمل صورة بدور.
وقد صرح أحد مسئولى برامج الأمم المتحدة، قائلا: لم يكن ممكنا القيام بمثل هذه المسيرة قبل ثلاثة أو أربعة أعوام.
وبينما تحظى مثل هذه المسيرات العامة باهتمام كبير، فإن العمل الجذرى الحقيقى فى القرى الريفية حيث اكتسبت تلك العادات صلابة مع مرور الوقت.
وتقوم جمعية الطفولة والتنمية بأسيوط والتى تدعمها اليونيسف بنشر موظفين ميدانيين للتحدث مع الأسر الريفية عن أخطار ختان الإناث. ويستخدم الموظفون خليطا من وسائل الإقناع، والحقائق، بل ونماذج بلاستيكية للعرض- حيث يجدون أنه عليهم أن يكونوا على درجة عالية من الإبداع حينما يتحدثون عن الختان. وأحيانا يواجهون حائطا صلبا من الرفض، ولكن ذلك لا يقوض عزيمتهم.
فقد صرح أحد المواطنين قائلا: يعد إقناع الآباء بإرسال ابنهم إلى المدرسة أسهل بكثير من وضع حد لختان الإناث. و أضاف أن ترويع الموظفين الميدانيين أمر شائع.
وتستخدم المنظمة غير الحكومية ما يطلق عليه بالنماذج الإيجابية – وهم أفراد لديهم اعتقاد شخصى قوى ضد الختان، أو مروا بتجارب معينة سابقة قادتهم إلى ما هم عليه الآن – وهم مستعدون لمحاولة إقناع الآخرين فى مجتمعهم بأن تلك الممارسة غير ضرورية وضارة. وتعمل اليونيسف مع مجموعة صغيرة من المنظمات غير الحكومية المصرية ومجموعات من النماذج الإيجابية لتشجيع المجتمعات على ألا تعرض بناتها لنفس العادة.
وقد صرحت نيفين رسمى، منسق العمل الميدانى لجمعية الطفولة والتنمية بأسيوط، قائلة: تعد النماذج الإيجابية عناصر حيوية فى عملنا، حيث إنهم عادة ما يكونون من القرى التى يعملون بها، وبالتالى فهم معروفون جيدا، ويحظون بالثقة وهذا يسهل عملنا كثيرا. كما نعمل مع الشيوخ من رجال الدين، والعمداء، والأطباء، حيث إنهم أشخاص لهم نفوذ واحترام يمكنهم أن يحدثوا تأثيرا حقيقيا فى المجتمع.
ويقول الموظفون الميدانيون أن أفضل الطرق لإحداث تغيير فى السلوك تجاه قضية ختان الإناث هى عن طريق تقديم مجموعة من المعلومات المفيدة إلى الحاضرين – وألا تقتصر جلسات التوعية على موضوع واحد، وإلا فسوف يقولون: أليس لديكم شىء آخر تعطوننا سوى معلومات عن ختان الإناث؟.
كما يضيفون أن عملية الاختراق والوصول يجب أن تتم على مستويات كثيرة-الآباء، والمدرسين، والمهن الطبية، بل وعلى مستوى أطفال المدارس. فقد صرح أحد الموظفين الميدانيين بجمعية الطفولة والتنمية بأسيوط، قائلا: قد تكون جلسات التوعية بالمدارس على درجة عالية من النجاح. فهى تزيد من مستوى الوعى بين الفتيات قبل أن يصبحن أمهات. كما يقوم بعض الطلبة بالعودة إلى منازلهم ومحاولة إقناع آبائهم.
وهناك إشارات طفيفة على أن سلوك الناس تجاه ختان الإناث بين الأسر المصرية الريفية فى سبيله إلى التغيير. فقد صرح أحد الموظفين الميدانيين، قائلا: فيما قبل كانت تجرى احتفالات عقب القيام بعملية ختان، ولكن لا ترى ذلك الآن. وإذ يقول الناس الآن إن هذا الأمر يستحق أن يتم التفكير فى أمره.
ويفيد الموظفون الميدانيون بأنهم يحظون بقدرة أكبر على الوصول إلى القرى عما سبق. فقبل ثلاث سنوات فقط، كانت هناك على الأقل قرية واحدة رفضت دخول أى شخص يحمل رسائل تتعلق بختان الإناث. وفى إحدى المرات، قام أحد شيوخ القرية بقطع المياه عن الفلاحين حتى لا يتمكنون من حضور جلسة عن ختان الإناث.
ومازال الآباء الذين يستنكرون عملية الختان غير راغبين عن الإعلان عن قرارهم خوفا من أن يتم نبذهم. فقد صرح أحد الموظفين الميدانيين قائلا إن الأشخاص يترقبون الأوضاع قبل إعلان قرارهم بعدم ممارسة ختان الإناث. فهم يخشون أن يهينهم أحد. بل والأسوأ – لن يقبل الرجال الزواج من بناتهم.
وتقول نيفين أن لديها الآن دليل مادى على أن الأحوال تتغير، وأن ختان الإناث بات أقل شعبية فى بعض القرى. فقد صرحت : لقد بدأت أرى النتائج الحقيقية لعملنا فى القرى، حينما قالت لى داية من قرية النخيلة: أريد تعويضا ماديا منكم، فقد كنت أكسب 2000 جنيه كل صيف، والآن لا تأتينى سوى أسرة واحدة أو اثنتين لأقوم بختان بناتهن. لقد أفسدتم على عملى. وقد أظهر ذلك لى التأثير القوى الذى نحدثه فى المجتمعات التى نعمل بها، وقد جعلنى ذلك أفخر بالاشتراك فى هذه المبادرة.
رد مع اقتباس